حصلت على نصف خبز بخاري إضافي
استيقظت هذا الصباح وراودتني فكرة عابرة بزيارة معبد فا شي. يفتح المعبد بوابته عند السادسة تمامًا، وهذا أفضل وقت لأن المكان يكون هادئًا وقليل الزوار. حين دخلت عند السادسة والنصف سلّمني أحد المتطوعين ثلاث عود بخور وأخبرني أن بإمكاني تناول الإفطار أولًا ثم العودة لأخذ البخور حتى لا ينكسر. أخبرته أنني أريد تقديم البخور قبل الإفطار، فذكرني بأن وجبة الإفطار تنتهي عند السابعة وأن عليّ الإسراع. حسبت الوقت في رأسي وقررت أن أمشي بسرعة من أجل اللحاق بالوجبة، فالأمر في النهاية متروك للقدر إن استطعت تناولها أم لا.
أصبحت شعبية معبد فا شي بين الشبان أكبر بكثير خلال السنوات الأخيرة. أحد الأسباب أن اسمه يحمل حرف “喜” الذي يرمز للفرح والسلام، وهو معنى ينسجم مع تطلعات الجيل الحالي؛ والحقيقة أن الإمبراطور كانغشي غيّر الاسم من “معبد تيان تشو” استنادًا إلى عبارة من «سوترا أفاتهامساكا» تقول إن صوت البوذا يوقظ الفرح ويجعل الناس ينالون “سعادة القانون”. السبب الثاني أن إطلالة الجبل الخلفي تمنح مشاهد مذهلة للهندسة المعمارية، ما يجعله نقطة مثالية للتصوير؛ وقد علّق الرهبان لافتة مهذبة هناك تطلب من الزوار الوقوف في طابور منظم عند التقاط الصور، في إشارة إلى أنه أفضل موقع للتصوير. والسبب الثالث أن الحكم والمواعظ في المعبد قريبة من لغة الشباب وحديثهم، أما الرابع فهو أن وجباتهم النباتية حقيقية لا تقتصر على الديكور.
على عكس بعض المعابد التي تقدّم طعامًا لا يمسّه الرهبان أصلًا، فإن وجبة فا شي النباتية هي نفسها التي يأكلها الرهبان، والأسعار معقولة: إفطار بسعر يوانين وغداء بخمسة يوانات. الوجبات بسيطة للغاية؛ الإفطار عبارة عن طبق مخلل ورغيف مطهو على البخار مع شوربة الأرز، أما الغداء فيتكوّن من وعاء أرز وطبق خضار. وهناك حكاية لطيفة حول هذه الوجبات: قبل سنوات جاء فريق «毅行» من جامعة تشيجيانغ إلى المعبد لطلب المساعدة، مستشهدين بشعار الجامعة «لا يمكن حمل الأعباء من دون رحابة، ولا بلوغ البعيد من دون العزيمة». كانوا يخططون لعبور الجبال سيرًا من حرم يوكوان إلى حرم تشيجيانغ وجعل قاعة الطعام محطة تموين. وافق رأس المعبد بسرور وفتح القاعة لهم، بل وقدم غداءً مجانيًا لكل المشاركين، ومنذها صار تقليدًا سنويًا. الطلاب الذين ذاقوا طعام فا شي صاروا يمزحون بأنهم «رهبان البكالوريوس» و«رهبان الماجستير» و«رهبان الدكتوراه».
عدت نزولًا بعد أن زرت القاعات الثلاث الكبرى والتقطت صورة من الجبل الخلفي. عندما وصلت إلى قاعة الطعام كان الوقت قد أصبح السادسة وخمسًا وخمسين دقيقة ولم يبق سوى عامل واحد ينهي فطوره. رأيت المتطوعة خلف الشباك تقف بسرعة وهي تجهز طبق المخلل ووعاء شوربة الأرز، ثم قالت: “لدينا نصف خبز بخاري متبقٍ، هل ترغب به؟ وإلا فسينتهي في سلة المهملات.” ظننت أن المتبقي نصف رغيف فقط، وهو أكثر من كافٍ بالنسبة لي، لكن ما إن أمسكت بالصحن حتى أضافت رغيفًا كاملًا. يبدو أنني فهمت طلبها خطأ؛ فهي لا تريد إهدار النصف المتبقي ما دام أحدًا لن يأتي قبل السابعة، ولذلك أعطتني رغيفًا كاملًا بالإضافة إلى النصف. شعرت ببعض الحرج وأنا أحمل الوجبة إلى طاولة في أحد الزوايا.
كمية الطعام التي أتناولها عادة لا تتجاوز وعاء من الشوربة مع رغيف واحد، فكيف سألتهم رغيفًا ونصفًا؟ خصوصًا أن الوجبة كلها كربوهيدرات صرفة من الأرز والطحين. خطرت لي فكرة ترك النصف الزائد جانبًا، لكنني تذكرت أنني في معبد، حيث تشعر دائمًا بوجود قوة خفية. رفعت بصري فرأيت على الجدران عبارتين بخط أسود على ورق أحمر: “يمكنك أن تأكل وتشرب، لكن لا تهدر شيئًا”، و”لا حاجة إلا لتناول الطعام، التدخين والكحول ممنوعان”. هل يمكن أن يكون هذا النصف الإضافي نوعًا من “موهبة” صغيرة من بوذا؟ بهذا الخاطر أتممت الوجبة حتى آخر لقمة مع المخلل.
وقبل أن أنهض لأعيد الصحون إلى محطة الجمع، اقتربت متطوعة أخرى وقالت بصوت خافت: “اترك الصحون على الطاولة، سأجمعها بعد قليل.” أدهشني ما قالته لأنني كنت قد رأيت قبل دقائق العامل يضع أدواته بنفسه في مكان الجمع. سألتها ثانية وأنا أشير إلى المحطة لأتأكد أنني لم أسمع خطأ، لكنها كررت: “لا حاجة، اتركها هنا.” وبينما كنت مترددًا عادت بسرعة وأخذت الصحون بيدها وغادرت بخفة.
غادرت القاعة وأنا أشعر بالدهشة من تلك السلسلة الصغيرة من المصادفات. في المرة القادمة التي أزور فيها معبد فا شي سأطيل السجود أمام بوذا وأشكره على نصف الرغيف الإضافي.
تاريخ النشر: 25 أغسطس 2024 · تاريخ التعديل: 20 نوفمبر 2025