تأمل رأس السنة في معبد جينغشان

يقع معبد جينغشان في الركن الشمالي الغربي من هانغتشو بمقاطعة تشيجيانغ، ويُعرف منذ العصور القديمة بلقب “أول دير زن في جنوب شرق الصين”. أُسس في السنة الأولى من عهد تيانباو خلال أسرة تانغ (742م)، وفي عهد أسرة سونغ الجنوبية نال لقب “أول معبد بين الجبال الخمس والعشر المعابد”، ليصبح موطنًا عريقًا لطريقة زن في الشرق الأقصى.

يتزايد الإقبال على المعبد عامًا بعد عام؛ ارتفعت تذاكر الدخول من خمسة يوانات إلى عشرين، وحتى بعد العواصف الثلجية والبرد القارس لا ينقطع تدفق الزوار. الطرق الجبلية المتعرجة تضيق بالسيارات، فيضطر رجال الشرطة لتحويل الطريق المزدوج إلى مسار واحد. عند بوابة المعبد لا يساوم المصلون على ثمن البخور، فالبعض يصر على شراء أرفع طقم من أجل إظهار الإخلاص. وحتى الشموع الإلكترونية التي استبدلت البخور التقليدي تُعاد بيعها بعد أن يغادر الزوار. تتغير التقنيات والأزمنة، غير أن طبيعة البشر، وما يواجهونه من معاناة وحيرة، تبقى على حالها، لذا يظل الناس يلتمسون الخلاص خارج ذواتهم بينما أدرك الرهبان منذ زمن بعيد جوهر القلق البشري: “بودي في الأصل بلا شجرة، والمرآة الصافية ليست منصة، كل شيء عدم، فمن أين يأتي الغبار؟”

يبتهل الناس في المعابد طلبًا للثروة أو الذرية أو الصحة، لكن رهبان زن يؤمنون بأن التنوير شأن فردي، ومن يطلب الحل خارج قلبه لن ينال الطريق. زنّ يعلّم العودة إلى الداخل، معرفة الذات وتحليلها، والبحث عن “صاحب الدار” الداخلي حتى يبلغ المرء حالة “اللا-أنا”، فيتعامل بصدق مع نفسه ومع الآخرين. لقد دعا راهب المعبد العظيم داهويه تسونغقاو إلى “اكتشاف وجهك الأصلي”، وهو المعنى ذاته.

يؤكد ستيفن كوفي أن الفعالية الإنسانية تحتاج إلى مبدأ يرشدها، وأن القيم التي عدّدها من عدالة ونزاهة وخدمة ونمو ليست بعيدة عن تعاليم زن. يدعو إلى بناء حياة “من الداخل إلى الخارج”، والانطلاق من الذات قبل طلب النجاح العام. عندما يكون القلب في سلام يصبح تحقيق الإنجاز في الساحات العامة أمرًا ممكنًا.

تاريخ النشر: 1 يناير 2019 · تاريخ التعديل: 20 نوفمبر 2025