لماذا نطلق إستراتيجية إنعاش الأرياف؟
أكّد تقرير المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب أن «إستراتيجية إنعاش الأرياف» ليست مبادرة عابرة، بل هي الإطار العام لتنمية الزراعة والريف خلال السنوات الخمس المقبلة. اختيار كلمة «الريف» بدل «الزراعة» يعكس حنينًا إلى التراب والقرية، ويذكّر بأن حلم النهضة القومية لا يكتمل من دون إحياء القرى. كلمة «الإنعاش» بدل «النهضة» توحي بأننا متأخرون عن العالم، خصوصًا منذ الحرب العالمية الثانية حين قادت صناعة النفط طفرة الصناعات الكيماوية، فتفوقت الزراعة الغربية في الإنتاجية بينما بقيت الصين متخلفة في إنتاج المبيدات والأسمدة والبذور عالية الجودة. اليوم ما تزال البذور الممتازة تحت سيطرة دو بونت وباير وسينجينتا ويا را وICL وغيرها. عندما تُرفع قضية إلى مستوى إستراتيجي فهذا يعني أن السياسات القادمة ستكون ثقيلة الوزن.
قضية «الثلاثة ريف» لا تمس فقط 600 مليون فلاح، بل تتعلق بغذاء وكساء ومأوى وتنقل كل سكان الصين. رغم أن نسبة العاملين في الزراعة ستواصل الانخفاض بفعل التحضر، فإن ذلك لا يبرر إهمال الأسئلة الأساسية: من يزرع؟ كيف نزرع؟ كيف نستخدم التقنية الحديثة؟ كيف ندمج القطاعات الثلاثة في الريف؟ كيف نجعل الفلاح يغادر الأرض من دون مغادرة القرية؟ وكيف نستفيد من الإنترنت وإنترنت الأشياء والبيانات والذكاء الاصطناعي لتحويل الزراعة إلى مستفيدة من ثمار التقنية؟
نظام «التعاقد المنزلي + الإدارة الجماعية» هو ثمرة عقود من الممارسة، ويجب الحفاظ عليه مع تطويره لمواكبة تركّز الأراضي والتشغيل واسع النطاق والمكننة. أهم ما في الأمر أن حقوق التعاقد لن تُمسّ: بعد انتهاء جولة التعاقد الثانية في 2027/2028 سيتم تمديدها ثلاثين سنة أخرى، ما يشكّل طمأنة ضخمة للفلاحين، ويتيح في إطار فصل «الملكية/التعاقد/الإدارة» تحريك أصول الأرض وإطلاق قيمتها.
أمن الغذاء لا يعني الإنتاجية فحسب بل الجودة أيضًا. الناس اليوم يخشون بقايا المبيدات والهرمونات والمعادن الثقيلة، لكن قلة تلتفت إلى مخاطر الإنتاجية: الأراضي الأساسية تُقضم بفعل التصنيع، و18 مليون هكتار خط أحمر بات هشًا؛ نظام التعاقد المنزلي أدى إلى صعوبة تحقيق عائد مجزٍ، فكثير من الفلاحين يقول «الزراعة خسارة كبيرة إذا زرعت كثيرًا، وخسارة صغيرة إذا زرعت قليلًا، ولا خسارة إن لم أزرع»، فانتشرت الحقول المهجورة؛ أما البذور فهي الأساس، ورغم امتلاكنا بنكًا هائلًا للموارد الوراثية فإن الأصناف الممتازة قليلة، ومعارضة الهندسة الوراثية وضعف حماية الأصناف وتشوهات تحويل الإنجازات العلمية، كلها تثبط الحافز على الابتكار.
ازدهار الريف واستدامة الإنتاج يعتمدان على رفع كفاءة الفلاحين واستقرار القواعد التنظيمية. المطلوب بناء فريق «يفهم الزراعة، يحب الريف، ويخدم الفلاحين»، وتوفير سياسات ومسارات ترقٍ مغرية للكفاءات التي تختار العمل في الأرياف. الفقر المدقع تحدٍ تاريخي، والاستراتيجية الجديدة هي الضمانة لحماية ثمار مكافحة الفقر ومنع العودة إليه.
تاريخ النشر: 14 ديسمبر 2024 · تاريخ التعديل: 11 ديسمبر 2025